السبت، 26 سبتمبر 2015

أبو مقدامة الشامي .. والغلام

يوم كانت أرواحنا فداء لله .. إقرأوا دون بكاء  

أورد ابنُ الجوزي في صفة الصفوة وابنُ النحاس في مشارع الأشواق عن رجل من الصالحين اسمه أبو قدامة الشامي ..

وكان رجلاً قد حبب إليه الجهاد والغزو في سبيل الله ، فلا يسمع بغزوة في سبيل الله ولا بقتال بين المسلمين والكفار إلا وسارع وقاتل مع المسلمين فيه ، فجلس مرة في الحرم المدني فسأله سائل فقال : يا أبا قدامة أنت رجل قد حبب إليك الجهاد والغزو في سبيل الله فحدثنا بأعجب ما رأيت من أمر الجهاد والغزو

فقال أبو قدامة : إني محدثكم عن ذلك :

القصه :
خرجت مرة مع أصحاب لي لقتال الصليبيين على بعض الثغور ( والثغور هي مراكز عسكرية تجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها ) فمررت في طريقي بمدينة الرقة ( مدينةٍ في العراق على نهر الفرات ) واشتريت منها جملاً أحمل عليه سلاحي، ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد والإنفاق في سبيل الله، فلما جن علي الليل اكتريت منزلاً أبيت فيه ، فلما ذهب بعض الليل فإذا بالباب يطرق عليّ ، فلما فتحت الباب فإذا بامرأة متحصنة قد تلفعت بجلبابها

فقلت : ما تريدين ؟

قالت : أنت أبو قدامة ؟

قلت : نعم

قالت : أنت الذي جمعت المال اليوم للثغور ؟

قلت : نعم ، فدفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية، فنظرت إلى الرقعة فإذا فيها: إنك دعوتنا إلى الجهاد ولا قدرة لي على ذلك فقطعت أحسن ما فيَّ وهما ضفيرتاي وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك لعل الله يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي.

قال أبو قدامة : فعجبت والله من حرصها وبذلها ، وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة. فلما أصبحنا خرجت أنا وأصحابي من الرقة ، فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك فإذا بفارس يصيح وراءنا وينادي يقول : يا أبا قدامة يا أبا قدامة ، قف عليَّ يرحمك الله ، قال أبو قدامة : فقلت لأصحابي : تقدموا عني وأنا أنظر خبر هذا الفارس ، فلما رجعت إليه ، بدأني بالكلام وقال : الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً.

فقلت له ما تريد : قال أريد الخروج معكم للقتال .

فقلت له : أسفر عن وجهك أنظر إليك فإن كنت كبيراً يلزمك القتال قبلتك ، وإن كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك.

فقال : فكشف اللثام عن وجهه فإذا بوجه مثل القمر وإذا هو غلام عمره سبع عشرة سنة.

فقلت له : يا بني ؟ عندك والد ؟

قال : أبي قد قتله الصليبيون وأنا خارج أقاتل الذين قتلوا أبي.

قلت : أعندك والدة ؟

قال : نعم

قلت : ارجع إلى أمك فأحسن صحبتها فإن الجنة تحت قدمها

فقال : أما تعرف أمي ؟

قلت : لا

قال : أمي هي صاحبة الوديعة

قلت : أي وديعة ؟

قال : هي صاحبة الشكال

قلت : أي شكال ؟

قال : سبحان الله ما أسرع ما نسيت !! أما تذكر المرأة التي أتتك البارحة وأعطتك الكيس والشكال ؟؟

قلت : بلى

قال : هي أمي ، أمرتني أن أخرج إلى الجهاد ، وأقسمت عليَّ أن لا أرجع وإنها قالت لي : يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر ، وهَب نفسك لله واطلب مجاورة الله، ومساكنة أبيك وأخوالك في الجنة ، فإذا رزقك
الله الشهادة فاشفع فيَّ.. ثم ضمتني إلى صدرها ، ورفعت بصرها إلى السماء ، وقالت : إلهي وسيدي ومولاي، هذا ولدي ، وريحانةُ قلبي، وثمرةُ فؤادي ، سلمته إليك فقربه من أبيه وأخواله..

ثم قال: سألتك بالله ألا تحرمني الغزو معك في سبيل الله ، أنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد ، فإني حافظ لكتاب الله ، عارف بالفروسية والرمي ، فلا تحقرَنِّي لصغر سني..

قال أبو قدامة : فلما سمعت ذلك منه أخذته معنا ، فوالله ما رأينا أنشط منه، إن ركبنا فهو أسرعنا ، وإن نزلنا فهو أنشطنا ، وهو في كل أحواله لا يفتر لسانه عن ذكر الله تعالى أبداً.

فنزلنا منزلاً..وكنا صائمين وأردنا أن نصنع فطورنا..فأقسم الغلام أن لا يصنع الفطور إلا هو..فأبينا وأبى..فذهب يصنع الفطور..وأبطأ علينا..فإذا أحد أصحابي يقول لي يا أبا قدامة اذهب وانظر ما أمر صاحبك..فلما ذهبت فإذا الغلام قد أشعل النار بالحطب ووضع من فوقها القدر..ثم غلبه التعب والنوم ووضع رأسه على حجر ثم نام..

فكرهت أن أوقظه من منامه..وكرهت أن أرجع الى أصحابي خالي اليدين..فقمت بصنع الفطور بنفسي وكان الغلام على مرأى مني..فبينما هو نائم لاحظته بدأ يتبسم .. ثم اشتد تبسمه فتعجبت ثم بدأ يضحك ثم اشتد ضحكة ثم استيقظ.. فلما رآني فزع الغلام وقال: ياعمي أبطأت عليكم دعني أصنع الطعام عنك..أنا خادمكم في الجهاد.

فقال أبو قدامة: لا والله لست بصانع لنا شيء حتى تخبرني ما رأيت في منامك وجعلك تضحك وتتبسم .

فقال: يا عمي هذه رؤيا رأيتها..

فقلت: أقسمت عليك أن تخبرني بها .

فقال: دعها.. بيني وبين الله تعالى

فقلت: أقسمت عليك أن تخبرني بها

قال: رأيت ياعمي في منامي أني دخلت إلى الجنة فهي بحسنها وجمالها كما أخبر الله في كتابه..فبينما أنا أمشي فيها وأنا بعجب شديد من حسنها وجمالها..إذ رأيت قصراً يتلألأ أنواراً , لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وإذا شُرفاته من الدرّ والياقوت والجوهر ، وأبوابه من ذهب ، وإذا ستور مرخية على شرفاته ، وإذا بجواري يرفعن الستور ، وجوههن كالأقمار ..فلما رأيت حسنهن أخذت أنظر إليهن وأتعجب من حسنهن فإذا بجارية كأحسن ما أنت رائي من الجواري وإذ بها تشير إلي وتحدث صاحبتها وتقول هذا زوج المرضية هذا زوج المرضية..فقلت لها أنتي المرضية؟؟؟

فقالت: أنا خادمة من خدم المرضية..تريد المرضية؟؟ ادخل إلى القصر..تقدم يرحمك الله فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر ، قوائمه من الفضة البيضاء ، عليه جارية وجهها كأنه الشمس، لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء الجارية ..

فلما رأتني الجارية قالت : مرحباً بولي الله وحبيبه .. أنا لك وأنت لي .. فلما سمعت كلامها اقتربت منها وكدت ان أضع يدي عليها قالت : يا خليلي يا حبيبي أبعد الله عنك الخناء قد بقي لك في الحياة شيء وموعدنا معك غدًا بعد صلاة الظهر.. فتبسمت من ذلك وفرحت منه يا عم.

فقلت له: رأيت خيرًا إن شاء الله.

ثم إننا أكلنا فطورنا ومضينا الى أصحابنا المرابطين في الثغور ثم حضر عدونا..وصف الجيوش قائدنا..
وبينما أنا أتأمل في الناس..فإذ كل منهم يجمع حوله أقاربه وإخوانه..إلا الغلام..فبحثت عنه ووجدته في مقدمة الصفوف..فذهبت إليه وقلت: يا بني هل أنت خبير بأمور الجهاد؟؟ قال لا يا عم هذه والله أول معركة لي مع الكفار.

فقلت يا بني إن الأمر خلاف على ما في بالك ، إن الأمر قتال ودماء..فيا بني كن في آخر الجيش فان انتصرنا فأنت معنا من المنتصرين وإن هُزمنا لم تكن أول القتلى..

فقال متعجبا: أنت تقول لي ذلك؟؟

قلت: نعم أنا أقول ذلك .

قال: يا عم أتود أن أكون من أهل النار؟

قلت أعوذ بالله.. لا والله .. والله ما جئنا إلى الجهاد إلا خوفًا منها..

فقال الغلام: فان الله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأدبار  وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
هل تريدني أوليهم الأدبار فأكون من أهل النار؟

فعجبت والله من حرصه وتمسكه بالآيات فقلت له يا بني إن الآية مخرجها على غير كلامك..فأبى يرجع فأخذت بيده أُرجعه إلى آخر الصفوف وأخذ يسحب يده عني فبدأت الحرب وحالت بيني وبينه..

فجالت الأبطال ، ورُميت النبال ، وجُرِّدت السيوف ، وتكسرت الجماجم ، وتطايرت الأيدي والأرجل .. واشتد علينا القتال حتى اشتغل كلٌ بنفسه ، وقال كل خليل كنت آمله ..لا ألهينك إني عنك مشغول.. حتى دخل وقت صلاة الظهر فهزم الله جل وعلا الصليبين...فلما انتصرنا جمعت أصحابي وصلينا الظهر وبعد ذلك ذهب كل منا يبحث عن أهله وأصحابه..إلا الغلام فليس هنالك من يسأل عنه فذهبت أبحث عنه..فبينما أنا اتفقده وإذا بصوت يقول: أيها الناس ابعثوا إلي عمي أبا قُدامة ابعثوا إلي عمي أبا قدامة..

فالتفت إلى مصدر الصوت فإذا الجسد جسد الغلام ..وإذا الرماح قد تسابقت إليه ، والخيلُ قد وطئت عليه فمزقت اللحمان ، وأدمت اللسان وفرقت الأعضاء ، وكسرت العظام .. وإذا هو يتيم مُلقى في الصحراء .

قال أبو قدامة : فأقبلت إليه ، وانطرحت بين يديه ، وصرخت : ها أنا أبو قدامة .. ها أنا أبو قدامة ..

فقال : الحمد لله الذي أحياني إلى أن أوصي إليك ، فاسمع وصيتي.

قال أبو قدامة : فبكيت والله على محاسنه وجماله ، ورحمةً بأمه التي فجعت عام أول بأبيه وأخواله وتفجع
الآن به، أخذت طرف ثوبي أمسح الدم عن وجهه.

فقال : تمسح الدم عن وجهي بثوبك !! بل امسح الدم بثوبي لا بثوبك ، فثوبي أحق بالوسخ من ثوبك ..

قال أبو قدامة : فبكيت والله ولم أحر جواباً ..

فقال : يا عم ، أقسمت عليك إذا أنا مت أن ترجع إلى الرقة ، ثم تبشر أمي بأن الله قد تقبل هديتها إليه ، وأن ولدها قد قُتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر ، وأن الله إن كتبني في الشهداء فإني سأوصل سلامها إلى أبي وأخوالي في الجنة ، .. ثم قال : يا عم إني أخاف ألا تصدق أمي كلامك فخذ معك بعض ثيابي التي فيها الدم، فإن أمي إذا رأتها صدقت أني مقتول ، وقل لها إن الموعد الجنة إن شاء الله ..

يا عم : إنك إذا أتيت إلى بيتنا ستجد أختاً لي صغيرة عمرها تسع سنوات .. ما دخلتُ المنزل إلا استبشرتْ وفرحتْ ، ولا خرجتُ إلا بكتْ وحزنتْ ، وقد فجعت بمقتل أبي عام أول وتفجع بمقتلي اليوم ، وإنها قالت لي عندما رأت علي ثياب السفر : يا أخي لا تبطئ علينا وعجل الرجوع إلينا ، فإذا رأيتها فطيب صدرها بكلمات ..وقل لها يقول لك أخوكِ الله خليفتي عليكي..

ثم تحامل الغلام على نفسه وقال : يا عمّ صدقت الرؤيا ورب الكعبة ، والله إني لأرى المرضية الآن عند رأسي وأشم ريحها ..ثم انتفض وتصبب العرق وشهق شهقات ، ثم مات.

قال أبو قدامة : فأخذت بعض ثيابه فلما دفناه لم يكن عندي هم أعظم من أن أرجعَ إلى الرقة وأبلغَ رسالته لأمه ..

فرجعت إلى الرقة وأنا لا أدري ما اسم أمه وأين تسكن..فبينما أنا أمشي وقفت عند منزل تقف على بابه فتاة صغيرة ما يمر أحد من عند بابهم وعليه أثر السفر إلا سألته يا عمي من أين أتيت فيقول من الجهاد فتقول له معكم أخي؟..

فيقول ما أدري مَن أخوك ويمضي..وتكرر ذلك مرارًا مع المارة ويتكرر معها نفس الرد..فبكت أخيرًا وقالت: مالي أرى الناس يرجعون وأخي لا يرجع..

فلما رأيت حالها أقبلت عليها..فرأت علي أثر السفر فقالت يا عم من أين أتيت قلت من الجهاد فقالت معكم أخي فقلت أين هي أمك؟؟

قالت: في الداخل ودخلت تناديها..فلما أتت الأم وسمعت صوتي عرفتني وقالت: يا أبا قدامة أقبلت معزيًا أم مبشرًا؟؟

فقلت: كيف أكون معزيًا ومبشرًا؟

فقالت: إن كنت أقبلت تخبرني أن ولدي قُتل في سبيل الله مقبل غير مدبر فأنت تبشرني بأن الله قد قبل هديتي التي أعدتها من سبعة عشر عامًا. وإن كنت قد أقبلت كي تخبرني أن ابني رجع سالمًا معه الغنيمة فإنك تعزيني لأن الله لم يقبل هديتي إليه..

فقلت لها: بل أنا والله مبشر إن ولدك قد قتل مقبل غير مدبر..فقالت ما أظنك صادقًا وهي تنظر إلى الكيس ثم فتحت الكيس وإذ بالدماء تغطي الملابس فقلت لها أليست هذه ثيابه التي ألبستيه إياها بيدك؟

فقالت الله أكبر وفرحت.. أما الصغيرة شهقت ثم وقعت على الأرض ففزعت أمها ودخلت تحضر لها ماء تسكبها على وجهها.. أما أنا فجلست أقرأ القرآن عند رأسها..و والله مازالت تشهق وتنادي باسم أبيها وأخيها..وما غادرتها إلا ميتة..

فأخذتها أمها وأدخلتها وأغلقت الباب وسمعتُها تقول: اللهم إني قد قدمت زوجي وإخواني وولدي في سبيلك اللهم أسألك أن ترضى عني وتجمعني وإياهم في جنتك


الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

ماذا فعل العثمانيون لإنقاذ الأندلس؟

ماذا فعل العثمانيون لإنقاذ الأندلس؟ 

يتردد هذا السؤال كثيرا، يتردد كلما اقتربت ذكرى سقوط غرناطة وضياع 
الأندلس، يتردد كلما ذُكر الموريسكيون ومحنتهم وترحيلهم، يتردد حتى إذا تم التعرض لتاريخ العثمانيين وأمجادهم. يردده البعض مستنكرين لائمين ولسان حالهم يقول "لم يفعل العثمانيون شيئا"، ويردده البعض الآخر رافعين رؤوسهم إلى عنان السماء فخورين بما قام به العثمانيون على كافة الأصعدة .. على الصعيد السياسي عن طريق الرسائل المتبادلة مع باقي حكام العالم طالبين التيسير على المهاجرين المسلمين، على الصعيد الاجتماعي بدمج هؤلاء المهاجرين واستيعابهم في اسطنبول وباقي المدن التابعة للدولة العثمانية، وعلى الصعيد العسكري بتوفير الدعم غير المباشر عن طريق معارك بربروس في البحر المتوسط والتي أنهكت الأسبان، أو الدعم المباشر من حكام الجزائر ومنهم قلج علي بك عن طريق المشاركة في ثورة البشرات وإمداد الموريسكيين بالجنود والأسلحة ..

وبرغم منطقية السؤال وكثرة تردده على ألسنة المؤرخين وقارئي التاريخ ودارسيه بل حتى على ألسنة من لا يقرأ التاريخ، إلا أن هناك تساؤل يبدو أكثر منطقية إذا ما نحينا التحيزات المسبقة وابتعدنا عن قراءة التاريخ بأعين سياسية وركزنا جل اهتمامنا على تفحص تاريخ العالم بصفة عامة والمنطقة العربية بصفة خاصة بعين تريد رؤية الحقيقة وعقل متفتح 
جاهز لتقبل هذه الحقيقة أيا كانت .. يبقى التساؤل الأهم هو كيف للعثمانيين أن ينقذوا الأندلس؟ 

لو بدأنا بدراسة ملابسات فتح الأندلس لوضعنا أيدينا على بداية الخيط ، فجغرافيا الأندلس جعلتها خارج نطاف تفكير المسلمين لفترة طويلة وظل شمال افريقيا هو منتهى آمالهم بل حتى أن شمال افريقيا نفسه كان هدفا عسيرا بسبب سياسة الحكام الأمويين الأوائل، ولم يستطع المسلمون الوصول للأندلس إلا بعد تولي موسى بن نصير ولاية افريقيا 
وتغيير هذه السياسات والتأني في فتوحاته والاستعانة بالبربر الأمازيغ في 
هذه الفتوحات. لكن - وحتى بعد كل هذا - ظل موسى بن نصير حريصا في تقدمه للأندلس محذرا طارق بن زياد من التسرع ومؤنبا اياه أحيانا، مدفوعا بخوفه على جيوش المسلمين من عبور المتوسط والتيه في الجبال والوقوع في حصار بين بحر وعدو صليبي من الجهة الأخرى. هذه الجغرافيا جعلت الأندلس وحكامها محاصرين دوما ومهددين من الشمال بممالك نصرانية. كذلك كون الأندلس هي أول مملكة إسلامية تقام في أوروبا فقد جعلها هذا مصدر تهديد دائم للكاثوليكية والكنيسة في روما وجعل من البابا خصم وعدو للإسلام والمسلمين فكان دوما هو المحرك لأي حملة صليبية أو حرب ضد الأندلس على مدى ثمانية قرون كاملة ..

لو تركنا جغرافيا الأندلس وتأملنا تاريخها لوجدنا أنفسنا أمام ظاهرة 
متكررة مفادها أن الأندلس كانت على وشك السقوط عدة مرات لم تنج فيها إلا بمساعدة جيرانها المغاربة، حدث هذا في الزلاقة ثم لم يلبث أن جاء المرابطون ليعطوا الأندلس قبلة الحياة، تبعهم الموحدون (الأرك) وبنو مرين (الدونونية)، ولذا فقد كانت فرصة الأندلس الحقيقة في النجدة هي الوطاسيين ومن بعدهم السعديين، ولما كان كلاهما يتميز بالضعف وحب السلطة فقد صار عصيا على أي قوة إسلامية أخرى أن تتدخل وهي لا تملك قواعد بحرية قريبة من الأندلس تستخدمها لانطلاق حملاتها، خاصة إذا ما كان حكام المغرب في هذا الحين يرون في أنفسهم ندا لأي قوة إسلامية أخرى خاصة العثمانيين.

ومن تاريخ الأندلس إلى تاريخ المنطقة كلها، وبقليل من القراءة في المعارك 
والجولات السابقة بين المسلمين والصليبيين نرى بجلاء كيف فشلت معظم الحملات الصليبية على الشرق وكيف كان من الصعب على جيوش أوروبا أن تحارب في أرض تبعد عنها آلاف الكيلومترات وفي منطقة محاطة بأعدائهم من كل اتجاه. حتى أن الحملة الصليبية الوحيدة الناجحة (الحملة الأولى) لم تستطع الحفاظ على مكتسباتها كثيرا، وكيف لها ذلك والصليبيون يعيشون محاصرين بالمدن المسلمة من كل اتجاه!! 
فتح القسطنطينية يبدو أيضا مثال جيد يؤيد نفس النظرية، فهاهم المسلمون يحاولون المرة تلو الأخرى منذ عهد ذو النورين رضي الله عنه 
عام 35 هـ وحتى المحاولة الخامسة في عهد الخليفة العباسي المهدي عام 165 هـ، إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل ولم ينجح محمد الفاتح في ذلك إلا بعدما صار جارا لها، يستطيع بسهولة تأمينها بعد الفتح.
أما المثال الثالث والأخير فهو تونس والتي فقدها العثمانيون بعد أن فتحوها لنفس الأسباب السالف ذكرها.

من منظور آخر، تحمل فكرة الاستعانة بقوى خارجية لدعم ثورة فرصا أقل للنجاح مقارنة باستعانة حاكم وجيش بلد ما بحليف يدعمها ضد عدو خارجي، فعندما قامت ثورة البشرات كانت مقاليد الأمور كلها بيد القشتاليين بينما كان المسلمون مجرد مواطنين ثائرين يفتقدون أحيانا إلى التنظيم وأحيانا أخرى إلى الدعم المادي والمعنوي مما يقيد حركة الثوار ويضعفها ويجعلها تفتقد إلى المرونة، وهو ما يجعل من انتصار هذه الثورة بسواعد جنود غرباء ضربا من الخيال، بينما لو قارنا ذلك بمواقف أخرى تم الاستعانة فيها بقوى خارجية كموقف المعتمد ابن عباد لوجدنا بن عباد حينها حاكما وأميرا يملك أسلحة وجيشا ويدعمه شعبا كاملا دون خوف من إظهار هذا الدعم أو الحاجة إلى التخفي.

لو أضفنا لهذه الأسباب حقيقة أن الامبراطورية الأسبانية كانت في أوج مجدها وهو ما يتجاهله غالبية اللائمون مشددين فقط على قوة الدولة العثمانية ومتغاضين عن موقف القوى المسيحية الأخرى من إسبانيا (روما - البندقية - البرتغال) في مقابل موقف القوى الإسلامية من العثمانيين (المماليك - الحفصيين/السعديين - الصفويين)، فإن الصورة تصبح أكثر وضوحا ويصبح من الصعب إلقاء اللوم على العثمانيين لعدم قدرتهم إنقاذ الأندلس بل يصبح من العسير التفكير في العثمانيين كمنقذ بينما يتفرغ المماليك لدعم الصفويين ضد الدولة العثمانية أو على الأقل عدم اتخاذ موقف حاسم ضدهم، بل يصبح من الغبن أن ينتقد البعض العثمانيين ويخلع عنهم لقب الخلافة بينما يتجاهل تماما وجود خلافة عباسية (عربية كما يحلو للبعض) دورها الرئيسي هو حماية الإسلام والمسلمين في شتى بقاع الأرض.

لقد بذل العثمانيون جهودا لم يبذلها أقرانهم في مواقف مشابهة من قبل، فلم نر المماليك يقفون في وجه المد الشيعي بعد قيام الدولة الصفوية على يد اسماعيل الأول (1500)، ولا الموحدون الذين حكموا نصف افريقيا بل والأندلس نفسها هبوا لنجدة بغداد حين افترسها التتار وقضوا على الخلافة العباسية بل وعاش المسلمون دون خليفة ثلاث سنوات كاملة، لم نر الفاطميين يساندون صلاح الدين من أجل تحرير القدس، بل لم يبذل العثمانيون أنفسهم جهودا مماثلة حين سقطت دولة المغول الإسلامية في الهند .. ولولا ما بذله العثمانيون من جهود من أجل الإسلام لربما صارت تونس والجزائر ومصر ولايات أسبانية .. لولا ما بذله بنو عثمان لربما قُضي على أكثر من نصف مليون موريسكي ولما وصلوا إلى بلاد المغرب ، لولا سلاطين الدولة العلية لربما انتهت الخلافة العباسية في نفس العام (1517) لكن على يد البرتغاليين ولربما تمددت الدولة الصفوية لتبتلع العراق والشام وإرث السلاجقة ، لولاهم لما بُنيت المساجد في سراييفو ولا وصل الإسلام إلى بلجراد وشبه جزيرة القرم ...

لقد سقطت الأندلس لأن سنن الله في كونه نافذة ولأن الله لا يحابي أحدا، وقد كان مقدرا لها أن تسقط قبل هذا التاريخ بعدة قرون لكنها رحمة الله وعزيمة رجال سخرهم الله لرفعة الإسلام .. سقطت حين اختلف حكامها وتركوا دينهم يريدون زينة الحياة الدنيا بينما توحد أعداؤهم .. سقطت يوم أن فقدت القدرة على الاستمرار .. ماتت يوم أن فقدت الرغبة في الحياة ..

لقد سقطت الأندلس ولم يكن باستطاعة العثمانيين أو غيرهم أن يستأخرون أجلها ساعة ، فليصغ المؤرخون مسارات بديلة ويضعوا السيناريوهات المحتملة كلها .. سيدعمهم بايزيد ويترك سليم الأول حملة الشرق ويتوجه إلى المغرب لمناصرة أهل الاندلس .. سيتخلى سليمان القانوني عن حملات بلجراد ويستبدل ألمرية بموهاج .. سيكف سليم الثاني عن الزحف لقبرص ويوجه كل جيوشه إلى قلج علي باشا ثم ... يقضي الله أمرا كان مفعولا وتسقط الأندلس ..

الخميس، 22 يناير 2015

سد يأجوج ومأجوج


الفتن والملاحم
سد يأجوج ومأجوج  :

تبدأ القصة رحلة عجيبه في زمن الخلافة العباسية عندما رأى الخليفة العباسي الواثق باللّه (232- 722م) في المنام حلماً تراءى له فيه أن السد الذي بناه ذو القـــرنين ليحــول دون تســــرب يأجـــوج ومأجوج، قــد انفتـــح، فـــــأفـــــزعه ذلك، فكلف ســلام التــرجمان بالقيام برحـــلة ليسـتكشف له مــكان سد ذي القرنين.

ويروي لنا المسعودي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، وابن خرداذيه في كتابه (المسالك والممالك) قصة هـــذه الرحلة على النحو التالي: 

"إن الواثق باللّه لما رأى في المنام أن السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوحاً، أحضر سلاماً الترجمان الذي كان يتكلم ثلاثــــين لســــاناً، وقال له إذهب وانظر إلى هذا الســــد وجئني بخبره وحاله، وما هو عليه، ثم أمر له بأصحاب يســيرون معـــه وعــــددهم 60 رجلاً ووصله بخمسة آلاف دينار وأعطاه ديتـــه عشرة آلاف درهم، وأمر لكل واحد من أصحابه بخمسين ألف درهـــم ومؤونة ســــنة ومئة بغـــل تحمل الماء والــــزاد، وأمر للرجال باللبـــابيــد وهي أكســـية من صـــــوف وشعر.

وحمل سلام رسالة من الخليفة إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية بتفليس، وكتب صاحب أرمينية توصية لهم إلى صاحب السرير، وذلك كتب لهم إلى صـاحب اللان، وهكذا إلى فيلا شاه وطرخان ملك الخزر، الذي وجه معهم خمسة أدلاء ساروا معهم 25 يوماً حتى انتهوا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة، "فسرنا فيها عشرة أيام، ثم وصلنا إلى مدن خراب فسرنا فيها عشرين يوماً وسألنا عن خبرها فقيل لنا هي المدن التي خربها يأجوج ومأجوج، ثم صرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي في شعبة منه السد، وفي تلك الحصون قوم يتكلمون العربية والفارسية، مسلمون يقرؤون القرآن ولهم كتاتيب ومساجد، وبين كل حصن وآخر فرسخان، ثم صرنا إلى مدينة يقال لها (إيكة) لهـا أبواب من حديد وفيها مزارع وهي التي كان ينزلها ذو القرنين بعسكره، بينـها وبين الســـد مســـيرة ثلاثة أيام، ثم صرنا إلى جبل عال، عليه حصن، والسد الذي بناه ذو القرنين هو فج بين جبلين عرضه 200 ذراع، وهو الطريق الذي يخرجون منه، فيتفرقون في الأرض، فحفر أساسه 30 ذراعاً وبناه بالحديد والنحاس، ثم رفع عضادتين مما يلي الجبل من جنبتي الفج عرض كل منهما 25 ذراعاً في ســمك 50 ذراعاً، وكله بناء بلبن مغيّب في نحاس، وعلى العضادتين عتبة عليا من حديد طولها 120 ذراعاً، وفوقـــها بناء بذلك اللبن الحــــديد إلى رأس الجبل وارتفاعه مد البصر".

"وفي أحد الحصنين آلة البناء التي بني بها السد، من قدور الحديد ومغارف حديد، وهناك بقية من اللبن الذي التصق ببعضه بسبب الصدأ، ورئيس تلك الحصون يركب في كل يومي إثنين وخميس، وهم يتوارثون ذلك الباب كما يتوارث الخلفاء الخلافة، يقرع الباب قرعاً له دوي، والهدف منه أن يسمعه مَن وراء الباب فيعلموا أن هناك حفظة وأن الباب مازال سليماً، وعلى مصراع الباب الأيمن مكتوب {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً}، والجبل من الخارج ليــــس له مـــتن ولا ســـفح، ولا عليه نبات ولا حشيش ولا غير ذلك، وهــو جبل مســطح، متســع، قـائم أملس أبيض".

وبعد تفقد سلام الترجمان للسد انصرف نحو خراسان ومنها إلى طبانوين، ومنها إلى سمرقند في ثمــــانية أشهر، ومنهــا إلى أســــبيشاب، وعبر نهر بلخ ثم صار إلى شروسنة فبخــــارى وترمذ ثـم إلى نيسابور، ومات من الرجال في الــــذهاب 22 رجـــلاً وفي العــودة 24 رجلاً. وورد نيسابور وبقي معه من الرجـــــال 14 ومن البــــغال 23 بغلاً، وعاد إلى (سر من رأى) فأخبر الخليفة بما شاهده.. بعد رحـــلة استمرت 16 شهراً ذهاباً و12 شهراً في الإياب .

اعتبر المستشرق "دي خويه "رحلة سلمان الترجمان واقعة تاريخية لاشك فيها وأنها جديرة بالاهتمام، وأيده في هذا الرأي خبير ثقة في الجغرافيا التاريخية هو "توماشك"، وفي الآونة الأخيرة يرى عالم البيزنطيات "فاسيلييف "أن سلاماً نقل ما شاهده في رحلته للخليفة العباسي الذي أوفده لهذه المهمة، وبعد أن نقل المستشرق الروسي "كراتشكوفسكي" هذه الآراء مع آراء المشككين في الرحـــلة، قــال: ويـــــلوح لي أن رأي - فاسـيلييف - هذا لا يخلو من وجاهة رغماً من أن وصف الرحــــلة لا يمكن اعتباره رسالة جغرافية، بل مصنف أدبي يحفل بعناصر نقلية من جهة وانطباعات شخصية صيغت في قالب أدبي من جهة أخرى .

يتبين لنا من وصف سلام الترجمان ان الموقع الذي وجد فيه السد هو موقع في الشمال الشرقي لدولة الخلافه في شمال اسيا او ما يعرف الان بالامارات المنفكه من الاتحاد السوفيتي كزكخستان وطاجكستان وغيرها ولكن ايضا باتباع النص القرأني لوصف هذا المكان نجد ان ذو القرنين صادف في طريقه عدة علامات للمنطقه مثل انها شديدة سطوع الشمس وهذا يحدث في مكان قاحل لا زرع فيه ولا جبال وهذا المكان موجود بالفعل علي الخريطه في تلك البلاد ( مرفق الصور ) وايضا علامه السدين وهما ايضا سدين طبيعيين موجودان في طاجكستان وبالنظر المدقق وبالبحث الممعن لتلك المنطقه سنزهل من وجود سد مشابه تماما لما وصف القران ووصف سلام في رحلته ، ولكنه ليس سدا بل ردما كما وصف ذو القرنين والفرق في المعني كبير ، فالسد يحول بين شيئين ولو كان سدا ما حيرنا مكانهم طوال الاف السنين لاننا وكما ورد في الصحيح هم اكثر من بنو البشر ب ٩٩٩ مره فاين هم ؟ ولكنه ردما وهو ما يردم به فتحه في الارض او في الجبل فيخفي ما ورائه . بالاضافه الي استخدام الفاظ مثل " من كل حدب " او " ينسلون " وهي توحي بخروجهم كلهم من مكان جبلي بسرعه كيوم الحشر . 
اما عن هذا المكان الذي نحكي عنه فهذه هي احداثياته 

ومن مشاهده شكل السد و حجمه وقوته نعرف ايضا اجابه السؤال الذي طالما حير الجميع ، وهو اين يعيش هؤلاء القوم بتلك الاعداد في غياب عن اعيننا ؟ والغريب ان الاجابه كل يوم تمر امامنا ونحن لا ندري ، الاجابه قالها لنا رسول الله من اكثر من ١٤٠٠ عام ونحن لا ندري ، الاجابه في السوره التي امرنا ان نقرأها نبينا كل جمعه حتي لا يفتح ردمهم ، الاجابه هي " الكهف " . نعم يعيشون في الكهف .. بعيدا عن عقولنا قبل اعيننا .

يأتي وعد الله ويجعل الله هذا الردم دكا فيخرج يأجوج ومأجوج من كل حدب يقتلون ويدمرون ويشربون كل ما تبقي من ماء ، والمسلمون يشتد عليهم الامر وهم مع ابن مريم بعد موت المهدي علي الجبل في عصمه منهم كما اخبر الحديث " - ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء اللهثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة " . صحيح مسلم ص ٢٢٥٤ .

وينتهي يأجوج ومأجوج الذين عاثوا في الارض فسادا وتنتهي اخر فتنه للمسلمين في انتظار اخر علامه يراها المسلمون وهي ريحا طيبه تقبضهم جميعا وهذا بعد موت بن مريم ودفنه في المدينه المنوره في الحجره الرابعه المخصصه له بجانب اخوه محمد صلي الله عليهما وسلم و اصحابه ابو بكر وعمر "ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يقال للأرض أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة " صحيح مسلم .









الأربعاء، 21 يناير 2015


معركة جالديران الكبري
السلطان القاطع سليم الاول يؤدب الزنديق الرافضي
الشاه اسماعيل الصفوي الذي قتل اكثر من
ألف ألف نفس من اهل السنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قامت الدولة الصفوية في ايران وهي دولة خبيثة المنهج شيعية رافضية وبدات تفرض نفوذها علي المناطق حولها وقام اسماعيل الصفوي بفرض المذهب الشيعي على شعبه وأعلنه مذهباً رسمياً للدولة في ايران
وقضى بالقوة المسلحة على معارضيه واستطاع الصفويون أن يجمعوا حولهم أعداداً غفيرة من الاتباع والمريدين وتكاتفت الدعاية الشيعية القوية سواء في بقايا العبيدين الفاطميين في مصر أو الإسماعيلية أو الأسرة الصفوية نفسها في اعلان المذهب الشيعي في ايران لتتحول كلها من بعد ذلك من المذهب السني الى مذهب الدولة الجديدة وهو المذهب الشيعي.
كان اسماعيل الصفوي شرساً في حروبه شديد الفتك بمعارضيه وخصوصاً إن كانوا من أهل السنة .
افتتح ممالك العجم جميعها وكان يقتل من ظفر به وما نهبه من الاموال
قسمه بين أصحابه ولا يأخذ منه شيئاً ومن جملة ما ملك تبريز واذربيجان وبغداد وعراق العجم وعراق العرب خراسان وكاد أن يدعي الربوبية وكان يسجد له عسكره ويأتمرون بأمره
قال قطب الدين الحنفي في الأعلام انه قتل زيادة على ألف ألف نفس من اهل السنة
قال بحيث لايعهد في الجاهلية ولا في الاسلام ولا في الأمم السابقة من قبل في قتل النفوس ماقتله شاه اسماعيل وقتل عدة من اعاظم العلماء بحيث لم يبق من أهل العلم أحد من بلاد العجم واحرق جميع كتبهم ومصاحفهم وكان شديد الرفض بخلاف آبائه ومن جملة تعظيم أصحابه له أنه 
سقط مرة منديل من يده الى البحر وكان على جبل شاهق مشرف على ذلك البحر فرمى بنفسه خلف المنديل فوق ألف نفس تحطموا وتكسروا وغرقوا وكانوا يعتقدون فيه الألوهية ذكر ذلك القطب المذكرو ولم تنهزم له راية حتى
حاربه السلطان سليم فهزمه ...
تزعم الشاه اسماعيل المذهب الشيعي وحرص على نشره ووصلت دعوته الى الأقاليم التابعة للدولة العثمانية وكانت الأفكار والعقائد التي تنشر في تلك الأقاليم يرفضها المجتمع العثماني السني حيث كان من عقائدهم الفاسدة تكفير الصحابة لعن العصر الأول تحريف القرآن الكريم
وغير ذلك من الأفكار والعقائد فكان من الطبيعي أن يتصدى لتلك الدعوة السلطان سليم زعيم الدولة السنية فأعلن في اجتماع لكبار رجال الدولة والقضاة ورجال السياسة وهيئة العلماء في عام 920هـ/1514م أن ايران بحكوماتها الشيعية ومذهبها الشيعي يمثلان خطراً جسيماً لا على الدولة العثمانية بل على العالم الاسلامي كله وأنه لهذا يرى الجهاد المقدس ضد الدولة الصفوية وكان رأي السلطان سليم هو رأي علماء أهل السنة في الدولة
لقد قام الشاه اسماعيل عندما دخل العراق بذبح المسلمين السنيين على نطاق واسع ودمر مساجدهم ومقابرهم وازداد الخطر الشيعي ضرواة في السنوات الاخيرة من عهد السلطان بايزيد وعندما تولى السلطان سليم السلطنة
قامت اجهزت الدولة العثمانية الأمنية بحصر الشيعة التابعين للشاه اسماعيل والمناوئين للدولة العثمانية ثم قام بتصفية اتباع الشاه اسماعيل فسجن وأعدم عدداً كبيراً من انصار الشاه اسماعيل في الاناضول
ثم قام بمهاجمة اسماعيل نفسه
فتداولت الرسائل الخشنة بينهما حسب المعتاد وكتب السلطان سليم رسالة الى اسماعيل الصفوي قال فيها: ( ... إن علمائنا ورجال القانون قد حكموا عليك بالقصاص يا أسماعيل بصفتك مرتداً وأوجبوا على كل مسلم
حقيقي أن يدافع عن دينه وأن يحطم الهراطقة في شخصك أنت وأتباعك البلهاء ولكن قبل أن تبدأ الحرب معكم فاننا ندعوكم لحظيرة الدين الصحيح قبل أن نشهر سيوفنا وزيادة على ذلك فإنه يجب عليك أن تتخلى عن الاقاليم التي اغتصبتها منا اغتصباً ونحن حينئذ على استعداد لتأمين سلامتك .. ) .
وكان رد اسماعيل الصفوي على هذا الخطاب ان بعث للسطان العثماني هدية من الافيون قائلاً انه اعتقد ان هذا الخطاب كتب تحت تأثير المخدر .
بعدها اعد السلطان سليم الأول لمعركة فاصلة مع الدولة الصفوية حيث وصل الى استانبول وبدأ في التحرك من استانبول تجاه الأراضي الإيرانية وبعد أن غادر اسكوتراي أرسل يهدد الشاه اسماعيل الصفوي في رسالة يقول فيها
(بسم الله الرحمن الرحيم قال الله الملك العلام ان الدين عند الله الاسلام ومن يبتع غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ومن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ماسلف 
وأمره الى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون اللهم اجعلنا من الهادين غير المضلين ولا الضالين وصلي الله على سيد العالمين محمد المصطفى النبي وصحبه أجمعين ... )
استمر السلطان سليم في تحركه ووصلته الأخبار أن اسماعيل الصفوي قد بدأ الاستعداد للقتال والحرب بل إنه على وشك الوصول الى صحراء جالديران
فبدأ سليم الأول المسير نحوها فوصلها في أغسطس عام 1514م واحتل المواقع الهامة بها واعتلى الاماكن الهضبية 
فيها مما مكنه من ايقاع الهزيمة باسماعيل الصفوي وجنوده وكانت هزيمة ساحقة حلت بالجيش الصفوي الشيعي على ارضه .
واضطر اسماعيل الى الفرار في نفس الوقت الذي كان سليم الأول يستعد فيه للدخول الى تبريز عاصمة الصفويين.
ودخل سليم الاول تبريز وحصر أموال الشاه الصفوي ورجال القلزباس واتخذها مركزاً لعملياته الحربية
لقد انتصر السلطان سليم بفضل الله تعالى وعقيدته السليمة ومنهجه الصافي واسلحته المتطورة وجيشه العقدي المتدرب وعاد الى بلاده بعد أن استولى على كردستان وديار بكر ومرغش وأبلسين وباقي أملاك دلفاود وبذلك صارت الأناضول مأمونة من الاعتداء من الشرق وصارت الطرق الى أذربيجان 
والقوقاز مفتوحة للمسلمين .
وأدت هزيمة الشاه اسماعيل امام العثمانيين الى حرصه الشديد للتحالف مع النصارى وأعداء الدولة العثمانية ولذلك تحالف مع البرتغاليين وأقر استيلاءهم على هرمز في
مقابل مساعدته على غزو البحرين 
والقطيف الى جانب تعهدهم بمساندتهم ضد القوات العثمانية وقد تضمن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيم المشرق العربي الي مناطق نفوذ بينهما حيث اقترح أن يحتل الصفويون مصر والبرتغاليون فلسطين
يقول الدكتور عبد العزيز سليمان نواز.
إن الشاه لم يتوقف عن البحث عن حلفاء ضد الدولة العثمانية التي أصبحت القوة الكبرى التي تحول بينه وبين الوصول الى البحر المتوسط وكان مستعداً لان يتحالف حتى مع البرتغاليين أشد القوى خطراً على العالم الاسلامي حينذاك.
وهكذا بينما كان البرتغاليين يخشون من وجود جبهة اسلامية قوية ضدهم في المياه الاسلامية وجدوا أن هناك من يريد أن يتعاون معهم.
هذه نبذه بيسطة عن تاريخ الروافض الاسود وقتلهم لاهل السنة وتحالفاتهم مع الصليبيين ضد المسلميين هذا هو تاريخهم الاسود المخزي .
المصدر
الدولة العثمانية د. علي محمد محمد الصلابي

الجمعة، 19 ديسمبر 2014

بلاط الشهداء آخر خطواتنا في أوربا

بلاط الشهداء آخر خطواتنا في أوربا

قصة الغنيمة في تاريخنا غريبة والدرس الذي تلقيه علينا كذلك أغرب ! !
لقد بدأت أولى هزائمنا بسبب الغنيمة ولقد وقفنا مرغمين عند آخر مدى وصلت إليه فتوحاتنا بسبب الغنيمة كذلك ! !
فقصة الغنيمة . . هي قصة الهزيمة في تاريخنا .
كان قائد المعركة الأولى هو الرسول عليه الصلاة والسلام . . وخالف الرماة أمره وخافوا من أن تضيع فرصتهم في الغنيمة . 
. فكانت أحد وشهد الجبل العظيم استشهاد سبعين رجلا من خيرة المسلمين . . بسبب الغنيمة . . نعم بسبب الغنيمة ! !
وكان قائد المعركة الأخيرة عبدالرحمن الغافقي آخر مسلم قاد جيشا إسلاميا منظما لاجتياز جبال البران ولفتح فرنسا وللتوغل بعد ذلك في قلب أوروبا .
وهزم الغافقي . . سقط شهيدا في ساحة بلاط الشهداء
إحدى معارك التاريخ الخالدة الفاصلة . . 
وتداعت أحلام المسلمين في فتح أوربا وطووا صفحتهم في هذا الطريق . . وكان ذلك لنفس السبب الذي استفتحنا به دروس الهزيمة . . 
أعني بسبب الغنيمة .
ومنذ تم الاستقرار في المغرب العربي وإسبانيا الإسلامية والمسلمون 
يطمحون إلى اجتياز جبال البرانس وفتح ما وراءها 
عبد الرحمن الغافقي كان الشخصية الحاسمة التي أرادت التقدم نحو أوربا وحرصت عليه وكان عبد الرحمن مشبعا بروح الإيمان والرغبة في الثأر لما أصاب المسلمين 
من قبل حين قتل السمح وحين رجع هو بالجيوش الإسلامية إلى سبتماوية وقد أعلن الغافقي الدعوة للجهاد في الأندلس
كلها وفي أفريقية وقد جاءته وفود المتطوعين من كل مكان كما أنه من جانبه استعد استعدادا كبيرا لهذا الغزو .
ولقد التقى المسلمون عربا وبرابرة بالمسيحيين بين بلدت تورو 
و بواتيه على مقربة من باريس 
وكان قائد النصارى شارل مارتل وزير دولة الفرنجة وأمين القصر بينما كان عبد الرحمن الغافقي يقود جيوش المسلمين .
وكانت المعركة شديدة قاسية استمرت قريبا من سبعة أيام وكان الجيش الفرنجي وحلفاؤه أكثر من جيش العرب ولكن المسلمين أحسنوا البلاء في القتال 
وكاد النصر يتم لهم . . لولا أن ظهرت قضية الغنائم ! !
لقد عرف المسيحيون أن لدى الجيش الإسلامي غنائم كثيرة حصل عليها من معاركه أثناء تقدمه من قرطبة حتى بواتيه . .
وقد أثقلت هذه الغنائم ظهور المسلمين 
وكان من عادة العرب أن يحملوا غنائمهم معه فيضعوها وراء جيشهم مع حامية تحميها .
وقد فهم النصارى هذا ونجحوا في ضرب المسلمين عن طريق التركيز على هذا الجانب لقد شغلوهم من الخلف . 
من جانب الحامية المكلفة بحراسة الغنائم . . 
ولم يفطن المسلمون للتخطيط النصراني فاستدارت بعض فرقهم لحماية الغنائم . . 
وبالتالي اختل نظام الجيش الإسلامي . . ففرقة تستدير لحماية الغنائم وأخرى تقاتل النصارى من الأمام . .
وعبثا حاول عبدالرحمن الغافقي إنقاذ نظام الجيش الإسلامي إلا أن سهما أصابه وهو يبذل محاولاته المستميتة . . 
فوضع حدا لمحاولات الإنقاذ وأصبح جيش المسلمين دون قيادة . . وتقدم النصارى فأخذوا بخناق المسلمين من كل جانب وقتلوا من جيشهم الكثير ! !
لقد كانت بلاط الشهداء سنة 114 هجرية آخر خطوات المد الإسلامي في اتجاه أوربا 
أو على الأقل آخر خطواته المشهورة .
ثم توقف المد . . لأن بريق المادة غلب على إشعاعات الإيمان ! !
والذين يسقطون في هاوية البحث عن الغنائم لا يمكن أن ينجحوا في رفع راية عقيدة أو حضارة .

:: مصدر أوراق ذابلة من حضارتنا دراسة لسقوط ثلاثين دولة إسلامية د عبد الحليم عويس رحمه الله

:: الصورة لوحة اوروبية قديمة لمعركة بلاط الشهداء تصور شارل مارتيل على ظهر الجواد الأبيض في مواجهة عبد الرحمن الغافقي باليمين في المعركة.


الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

حقيقة غاندي :

هذا هو غاندي في حقيقته التى لم تعرف في بلادنا وفي المشرق 
والتى أخفيت عنا تماماً 
غاندي سرق الحركة الوطنية من المسلمين وتآمر عليهم. والهندوسي الهندي المتعصب الذي أخفى هندوسيته البغيضة وراء المغزل وللشاة .
وكان أول سياسي طالب بتأجيل الاستقلال منادياً بمهادنة السلطة وعدم مناوأة حكومة الاستعمار .
وكانت فلسفة غاندي التي استقاها من تولستوى ولقنوها لنا في الشرق هي التعامى عن تصرفات المستعمر والاستسلام له .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والحقيقة أن الزعماء المسلمين هم الذين أعلنوا استقلال الهند الحقيقي وعينوا قضاة المحاكم وحكام المقاطعات وتجاهلوا جميع كل السلطات وقد ظهرت آثار المسلمين واضحة في الحركة الوطنية وضعفت وطنية الهندوك فحاربوا المسلمين بكل سلاح حتى سلاح الفتنة الوطنية والدس الرخيص .

كان السؤال : حول غاندي وتكريمه والأحاديث التى تنشر عنه في الصحف وتصويره بصورة البطل: ومحاولة القول بأنه كان رمزاً للمصريين أبان الحركة الوطنية المصرية بعد ثورة 1919 وكانت الإجابة كالآتي :
بدأت الحركة الوطنية لتحرير الهند في أحضان الحركة الإسلامية وقد أزعجت الاستعمار البريطاني هذه الخطوة فعمد إلى القضاء عليها بأسلوب غاية في المكر والبراعة نحى بها المسلمين عن قيادة الحركة الوطنية وأسلمها إلى الهندوس 
وأجراها على الأسلوب الذي سيطر على الهند بعد ثورة 1947م التى قادها المسلمون كان حريصاً ألا يتحقق للمسلمين السيطرة على الهند بعد أن ظلت تحكم الهند أكثر من خمسمائة عام مرة أخرى بعد أن أسقط دولته ..
والمعروف أن المسلمين قاطعوا مدارس الاحتلال وعزفوا عنها حتى أتيح لهم إقامة نهضة تعليمية داخل إطار دينهم وثقافتهم وذلك بإنشاء عدد من المعاهد الإسلامية انتشرت في لاهور و لكنؤ 
ولم تلبث أن حققت تقدما واضحا في هذا المجال .
ثم اتجه العمل لتحرير الهند فألفت الجمعية الإسلامية العامة في لكنؤ بمباوي وكان يشرف عليها كبار المسلمين في الهند مطالبين بحقوق المسلمين في الهند كوطنيين وكان الهندوك قد أعلنوا إنشاء المؤتمر الوطنى العام وسموه المجلس الملى الوطنى الهندى العام .
وكان غايته أن ينالوا حقوقا سياسية تخولهم السيادة على الأقليات وهم لا يريدون من كلمة الأقليات غير المسلمين وفي عام 1916 تنبهت حكومة الاحتلال إلى حركة الجمعية الإسلامية فأوعزت إلى [محمود الحسيني أن يغادر الهند 
وقبض على أعوانه : أبو الكلام أزاد حسرت مهاني ظفر الله خان محمد على شوكت على .
ولما عقدت الهدنة في 11 نوفمبر 1918 أعلنت الحكومة البريطانية استعدادها لإجراء إصلاحات في قانون الهند . فاتفق الفريقان المسلمون والهندوس على عقد مؤتمر في لكنؤ يجتمع فيه زعمالء الفريقين .
وفي عام 1919 أطلقت الحكومة سراح المسجونين السياسية المسلمين فاجتمع زعماءهم في لكنؤ بدعوة مولاى عبد البارى رئيس علماء أفرنجى محل فتداولوا في تأسيس جمعية إسلامية لتنظيم مطالب الاستقلالوكان قد ظهر في هذا الوقت تآمر الدول الكبرى على تمزيق شمل الدولة العثمانية .
فأطلق هذه الجماعة جمعية إنقاذ الخلافة من مخالب الأعداء الطامعين وتأسست جميعة الخلافة في بومباي 18 فبراير 1920برئاسة غلام محمد فتو ميان حاجى خان . ودخل في عضويتها الزعماء المسلمون المعرفون في الهند . ودعت اللجنة المسلمين إلى جمع الإعانات للدفاع عن حوزة الخلافة 
فأقبل المسلمون بسخاء وجمع ما لا يقل عن سبعة عشر مليون روبية إلى أضعاف ذلك كما يقول [ السيد عبد العزيز الثعالبي الزعيم التونسى الأشهر ] في تقريره الذى قدمه للأزهر الشريف في يونيو 1937 بعد زيارته للهند ودراسته
لأحوال المسلمين هناك .
كان غاندىإلى تلك الآونة غير معروف في الهيئات السياسية في الهند وكان متطوعاً في فرقة تمريض الجنود ولما انتهت الحرب وانفصل عنها كانت جمعية الخلافة في بدء تأليفها فأقبل عليها وكان اسمه غير معروف إلا بين الأفراد القلائل الذين عرفوه في الناتال وجنوب أفريقيا .
فتيامن به زعماء المسلمين رغم تحذير المولدى خوجندى وكان على صلة به من قبل ويعلم من أمره ما لا يعلمون وبالأخص من ناحية تعصبة للهنادكة مع المسلمين . 
وشاءت الغفلة أن تنطوى هذه الحركة العظيمة على يديه .
فقعد في جمعية الخلافية مقعد الناصح الأمين وجعل يشير عليها باستئلاف الهنادكة فقبل الأعضاء نصحه عن حسن نية 
وتدبوه السعى إلى ذلك فقام وطاف الهند على حساب الجمعية يدعو إلى الوفاق ويقول المطلعون على خفايا الأمور أنه كان يتصل بالهنادكة 
ويتآمر معهم على شل الحركة الإسلامية ولما عاد من الرحلة سعى إلى إقناع جمعية الخلافة بالانضمام إلى الكونجرس المؤتمر الوطني الذى تأسس لملاحقة المسلمون وانتزع حقوقهم في الهند .
فانضمت إليه جمعية الخلافة وتبعتها بقية الأحزاب الإسلامية المعروفة ارتكازاً على الثقة في غاندي وعقد الكونجرس اجتماعا فوق العادة بعد انضمام المسلمين إليه في مارس ولما تلى عليهم القانون الأساسى
اقترحوا تعديل المادة التى تقول باصلاح حالة الهند إلى عبارة استقلال الهند فوافق على ذلك المؤتمر وشرعت الأحزاب الهندوكية منذ ذلك الوقت تطالب بالاستقلال التام طبق رغبة المسلمين .
وكانوا قبل ذلك لا يطالبون إلا باجراء إصلاحات .
فارتاعت الحكومة البريطانية لهذا التغيير وعدته فاجعة في سياسة البلاد وعلى أثره ألقت القبض على الزعماء وزجتهم في السجون .
واجتمع قادة الحركة وعرض أبو الكلام آزاد اقتراحا باسم الأعضاء المسلمين يتضمن إعلان الأمة الهندية وبأن الحكومة الحاضرة غير شرعية مع دعوة البلاد إلى مقاطعتها فوافقت الجمعية 
وانعقد على أثره مؤتمر جمعية الخلافة فأعلن موافقته أيضا بالاجماع وبعد أن جرى تصديق المؤتمر على قرار المقاطعة قام غاندى خطيبا وقال :
إن اتحاد الهندكة مع المسلمين يبقى متينا ما لم يشرع المسلمون في مناوأة الحكومة ويشهروا السلاح في وجهها .
ورد عليه أبو الكلام آذاد فقال :
إن كان غاندي يتصور أن أعمال المسلمين في الهند لا تقوم إلا على مساعدة الهنادكة فقد آن له أن يخرج هذه الفكرة من دمائه وليعلم غاندى أن المسلمين لم يعتمدوا قط على أحد إلا على الله عز وجل وعلى أنفسهم.
وشرعت الأمة الهندية عقب ذلك في مقاطعة الحكومة وإظهار العصيان المدني فامتنعت عن دفع الضرائب والرسوم وتخلى المحامون عن الدفاع أمام المحاكم .
وأعاد الناس الرتب النياشين والبراءات للحكومة وأحرق التجار المسلمون جميع ما في مخازنهم من البضائع الانجليزية 
وترك المسلمون الموظفون مناصبهم في الحكومة فحل الهنادك محلهم وهاجر كثير من المسلمين إلى الأفغان بعد أن تركوا أملاكهم وأرضهم في الهند واشتدت المقاطعة في البنغال اشتداداً عظيما ليس له مثيل .
فقد امتلأت سجونها بالمقاطعين من المسلمين حتى إذا أعيى الحكومة أمرهم صارت تقبض كل يوم على ألف شخص في الصباح وتطلقهم في المساء
لأن السجون لم تعد تسع المعتقلين . 
وخطب اللوردريدنج الحاكم العام في كلكتا فقال :
إننى شديد الحيرة من جراء هذه الحركة ولست أدرى ماذا أصنع فيها .
ومن هذا السياق تستطيع أن تصور قوة المسلمين في الحركة الوطنية وضعفها في الهندوكية ولا شك أن الهندوكي بالغاً ما بلغ من النشاط السياسى لا يستطيع أن يجابه الحكومة كما لا يستطيع أن يحارب المسلمين إلا بسلاح الدس .
وقد اجتمع زعماء المسلمون في عام 1921 وأعلنوا استقلال الهند استقلالا فعليا وعينوا ولاة الولايات وحكام المقاطعات وقضاة المحاكم في جميع المدن .
فكان الوطنيون يرفعون قضياهم أمامهم ويتجاهلون محاكم الحكومة وبسبب ذلك تعطلت أعمال الحكومة والبوليس 
وحدث إرتباك شديد في الدوائر العالية بالهند غير أنها بدلا من أن تستعمل سلاح القوة القاهرة لكفاح الشعب الأعزل لجأت إلى المناورات السياسية وهي أشد خطرًا ، وكان بطل هذه المناورات المهاتما غاندى 
فقد اتفق اللورد ريدنج مع غاندى على حل الوفاق القومي بين المسلمين والهندوك وقد أذيع الحديث بواسطة المصادر البريطانية بعد ستة أشهر . 
فقد نقل إلى اللورد قال لغاندى :
إن مصدر الحركة الاستقلالية في الهند هم المسلمون وأهدافها بأيدي زعماءها فلو أسرعنا وأجبناكم إلى طلباتكم وسلمنا لكم مقاليد الأحكام ألا ترى أن مصائر البلاد آيلة للمسلمين .
فماذا يكون حال الهنادكة بعد ذلك ؟
هل تريدون الرجوع إلى ما كانوا عليه قبل الاحتلال البريطاني وهل تفيدكم يومئذ كثرتكم وأنتم محاطون بالأمم الإسلامية من كل جانب وهم يستعدون قوتهم منها عليكم . إذا كنتم تريدون أن تحتفظوا لأنفسكم باستقلال الهند 
فعليكم أن تسعوا أولا لكسر شوكة المسلمين وهذا لا يمكنكم بغير التعاون مع الحكومة وينبغي لكم أيضا تنشيط الحركات الهندوكية للتفوق على المسلمين في جميع الأعمال الحيوية وفي بلوغهم الدرجة المطلوبة فإنى أؤكد لكم أن حكومة بريطانيا لا تتصل في الاعتراف لكم بالاستقلال .
وقبل انصراف غاندي أوعز اللورد إليه أن يشير عل مولانا محمد على كتابة تعليق على خطاب كان ألقاه في مؤتمر الخلافة وحمل فيه على الحكومة حملة عنيفة ..
يقول في هذا التعليق :
أن ما فهمته الحكومة كان مخالفاً لمرادى فصدع غاندي بالأمر ودعا محمد على لكتابة هذا البيان بعد أن أفهمه أن الكتاب سيكون سرياً لايطلع عليه أحد غير اللورد فكتب البيان تحت التأثير السحرى الذى كان لغاندي عليه . 
وما كاد الخطاب يصل إلى اللورد حتى أذيع في جميع أقطار الهند بعد أن صورته الحكومة بمقدمة قالت فيها :
إن محمد على تقدم إلى الحكومة يطلب منها العفو عن الهفوة التى ارتكبها .
وأنهم محمد على من المسلمين بالتراجع 
ورمى بالخور والضعف غير أنه لم يحاول أن يصحح موقفه إلا حين مؤتمر الخلافة في كراتشى أغسطس 1920 حين أعلن سياسة المناوأة للحكومة لا موالاتها .
فتلقى منه الهنادكة والمسلمون هذا التصريح بالارتياح التام ولكن عقب انقباض المؤتمر أمرت الحكومة باعتقاله مع ستة آخرين 
من الزعماء شوكت على حسين أحمد كثار أحمد بير غلام محمد الدكتور سيف الدين كتشلو وساقتهم جميعاً إلى المحكمة المخصوص للمحاكمة فرفضوا الاعتراف بالحكومة وهيبة المحكمة عملا بقرار المؤتمر السابقة وامتنوعا 
عن الدفاع عن المتهم .
ولكن المحكمة أدانتهم بمجرد الاتهام وحكمت عليهم بالحبس عامين مع الأشغال الموجهة إليهم وبعد الحكم أصدر محمد على سيف الدين كنشلو منشوراً بتوقيعهما يخاطبان فيه الشعب وينصحانه
بعدم الاهتمام بما حصل ويعدانه بأن الزعماء المعتقلين سيحضرون اجتماع الكونجرس القادم في ديسمبر بمدينة أحمد أباد سواء رضيت الحكومة أم كرهت لاعتقادهما أن الكونجرس سيعلن بصفة رسمية استقلال الهند 
وتأليف حكومة وطنية التى ستقرر الإفراج عنهم ولكن الحكومة لم تأبه لهذا المنشور لأنها كانت واثقة من أن الكونجرس لن يفعل ولما عقد اجتماع الكونجرس ديسمبر سنة 1920حضر غاندي وقال :
بما أن الزعماء يعتقلون ولا سبيل للمداولة معهم في منهاج أعمال المؤتمر فاقترح عليكم تعيينى رئيسا للمؤتمر وتخويلى السلطة المطلقة لتنفيذ 
ما أراه صالحاً من الاجراءات . 
فوافقته اللجنة على ذلك دون أن تتنبه إلى ما كان يغمره هو من المقاصد التى قد لا تنفق مع خطة المؤتمر وتقرر فيها أيضا إسناد رئاسة مؤتمر الخلافة إلى أجمل خان ومؤتمر مسلم ليك إلى حسرت مهاتى . 
وقبل اجتماع مؤتمر الخلافة قال غاندى للحكيم أجمل خان 
إن إعلان الاستقلال في الظروف الواهنة غير مناسب .
وما زال به حتى أقنعه بالعدول عن إعلان ذلك مع أن الزعماء المسيحيون كانوا ينتظرون بفارغ الصبر 
وكانت الحكومة تتوقع صدوره من أحزاب المسلمين بقلق شديد وما عساها تصنع لو تخلف غاندي عن الوفاء لها بوعده .
وفي أغسطس 1921 اجتمع الكونجرس تحت رئاسة غاندى في أحمد أباد فأعلن أن الوقت الذى يصر فيه المؤتمر باستقلال الهند لم يحن بعد فهاج الأعضاء وماجوا .
وعقب انتهاء جلسات المؤتمر انعقد مؤتمر الخلافة وتهيب الحكيم أجمل خان أن يثير عاصفة من قبل المسلمين فأمسك عن إعلان الاستقلال .
أما حسرت مهاتى فقد أعلن في مؤتمر مسلم ليك أن الهند تريد أن تعرب بواسطتهم عن إراداتهم في الاستقلال فعلى الهنود أن يشعروا اليوم بأنهم مستقلون وألا يعترفوا بقوانين الحكومة الملغاة 
فأمرت الحكومة بالقبض عليه وحكم عليه بالسجن عشر سنين مع الأشغال وأجمعت الصحف الهندية على نقده ووصفه بالشدة وخفضت العقوبة إلى سنتين . 
وعقب ظهور هذا الفشل الكبير في سياسة البلاد اعترت المسلمين شكوك في تصرفات غاندى واستيقنوا أن زعماء الهنادكة متفقون على 
ذلك فدب الانشقاق بين الطرفين :
هذا هو النص الذى أورده العلامة الزعيم عبد العزيز الثعالبى عن دور المسلمين في الحركة الوطنية الهندية وكيف قضى عليه غاندى بالتآمر مع النفوذ البريطاني فانهار مخطط الاستقلال . 
وفي خلال سجن زعماء الحركة المسلمين تسلم غاندى الحركة وحولها إلى وجهة أخرى مخالفة مما دعا المسلمين
من بعد إلى المطالبة بكيان خاص لهم .
هذا هو غاندي في حقيقته التى لم تعرف في بلادنا وفي المشرق والتى أخفيت عنا تماماً خلال تلك الفترة التى كان المصريون بتوجيه من السياسة البريطانية يعجبون بغاندي ويدعون بدعوته إلى الاستسلام النفوذ الأجنبي 
وقبول ما يعرض وعدم العنف .
وهذه هي الفلسفة التى استقاها غاندي من تولستوي وذاعت كثيراً في بلاد المسلمين معارضة لمفهوم الإسلام الصحيح من الجهاد المقدس في سبيل استخلاص الحقوق المغتصبة أبان الحركة الوطنية المصرية 
حيث كانوا يجدون في غاندي وأخباره ما يؤيد النفوذ الأجنبي ويدفع الوطنيين المصريين ناحية التفاهم مع الاستعمار البريطاني .
ولذلك فإن هذه الصفحات التى ينشرها بعض الكتاب لرسم صورة مزخرفة لغاندى يجب أن لا تخدعنا كثيراً فإنه رجل هندوسي متعصب لهندوسيته كاره للمسلمين .
وقد كان هو وتلميذه نهرو أشد عنفاً وقسوة في معاملة مسلمى الهند وقد كانت أنديرا غاندى ابنة نهرو أبان حكمها قد حكمت على المسلمين 
في بعض المناطق بتعقيمهم عن طريق العمليات الجراحية عملا على الحد من تعداد المسلمين في الهند .
فيجب علينا أن نعرف الحقائق ولا تخدعنا الأوهام الكاذبة والصور البراقة التى يراد بها تغطية حقيقة وجريمة كبرى هي أن غاندي في الحقيقة سرق الحركة الوطنية من الزعماء المسلمين وتآمر عليهم 
مع الحركة البريطانية وأدخل أمثال محمد على وشوكت على وأبو الكلام آزاد وهم من أقطاب المسلمين أدخلهم السجون وسحب الحركة الوطنية بالتآمر من أيديهم وحال دون قيام حكومة هندية حرة يكون المسلمون فيها سادة .
وذلك للعمل لخدمة الاستعمار البريطاني وتسليم الهند إليه لتحويل المسلمين إلى أقلية فيها مما دعا المسلمين إلى العمل على قيام باكستان والتحرير من نفوذ غاندي والهندوكية والاستعمار البريطاني 
مصدر كتاب رجال اختـلف فيـهم الـرأي 
د. أنور الجندي رحمه الله تعالى .